من شجي الشعر../ النبهاني ولد أمغر

هناك مقطعات شعرية بديعة تناقلها الرواة خلف عن سلف، وصدحت بها حناجر المغنين، وترنم بها السمار، وتسلى بها أهل الوجد والهوى في هزيع ليلهم النابغي،وتميزت بحضورها السرمدي الطاغي بين الناس وقربها منهم وقرب مأخذها أصلا، وهذه من ذلك الباب بعض الفرائد التي يجمعها البحر والروي والرقة والشجن الطافح:
يقول بهاء الدين زهير
يُحَدِّثُني زَيدٌ عَنِ البانِ وَالحِمى = أَحاديثَ يَحلو ذِكرُها وَيَطيبُ
فَقُلتُ لِزَيدٍ إِنَّها لَبِشــــــــــــارَةٌ = وَإِنّي لَنَشوانٌ بِها وَطَـــروبُ
وَيا زَيدُ زِدني مِن حَديثِكَ إِنَّــــهُ = حَديثٌ عَجيبٌ كُلُّهُ وَغَريــبُ
وَدَعني أَفُز مِن مُقلَتَيكَ بِنَظــرَةٍ = فَعَهْدُهُما مِمَّن أُحِبُّ قَريبُ
ويقول عبد الله بن الدمينة كما في الحماسة وكثرٌ ينسبونها لقيس المجنون
ألاَ لا أرى وادي المياهِ يُثِيبُ = ولا النفْسُ عنْ وادي المياهِ تَطِيبُ
أحب هبوط الواديين وإننــي = لمشتهر بالوادييـــــــــن غـــريب
أحقاًعباد الله أن لست وارداً = ولا صادرا إلا علي رقــــــــــــيب
ولا زائِراً فرداً ولا في جَماعَة = من الناس إلا قيل أنت مـــــريب ٍ
وهل ريبة في أن تحن نجيبة = إلى إلْفها أو أن يَحِنَّ نَــــــجيبُ
وإنَّ الكَثِيبَ الفرْدَ مِنْ جانِبِ الحِمى = إلي وإن لم آته لـــحبيب
ولا خير في الدنيا إذا أنت لم تزر = حبيباً ولم يَطْرَبْ إلَيْكَ حَبيب
ويقول عبد الرحيم البرعي من قصيدة طويلة
أهاب سحيرا بالفراق مهيب = فَلَباهُ وجد في الحشا وَلَهيبُ
وَحقق ظَنى بالرَحيل مــودع = مَدامعه في وَجنَتيه تصـــوب
فَما كذبتَني رمزة مـــــعنوية = أَشار بها ري البنان خَــضيب
يردُّ بطرفيه السَلام وَحَولـــه = رَقيب ومن حول الرَقيب رَقيب
حمته عَن التَوديع زرق أسنة = تَكاد تذيب الصخر وَهو صَليب
فمن أَينَ يَصفو العيش بعد أحبة = رَكائبهم بين الشعاب شعوب
وَهَل سلوة بعد الفراق لهائم = شج قلبه قبل الفراق كَـــئيب
وَبين الخيام البيض من أَيمن الحمى = قلوب دعتها لِلرَحيل قلوب
اذا لَم أذب بعد الفَريق صبابة = فمن أَي شيء بعد ذاك أَذوب
يشوقني روح النَسيم فَلَوعَتي = لَها كلما هب النَسيم هبوب
أظل عَلى اطلالهم وَربوعهم = أَحن كاني في الحَنين رقوب
وأندب سفح البان أيام صبوتي = إليه وَبرد اللهو فيه قَشيب
دعَتني أضاليل المنى غير مرة = فَما كدت بعد الظاعنين أجيب
وأطمعني حكم الهَوى أن يعيدلي = طلوع شموس لم يشبه غروب
فَما عاضني بالابلق الفرد عائض = وَلا شاقَني بعد الكَثيب كَثيب
وَهَيهات ما كل المنازل رامة = وَلا كل بَيضاء الجَبين عروب
وَكَم من سمىّ لَيسَ مثل سميه = وإن كان يدعى باسمه فَيجيب
فَياذا كرا عن ذي الأراك اعد لنا = حَديثك عَن أَهل الأراك يطيب
سمعتكَ تحكى عن خُيَيْمات عالج = عَسى لك عهد بالخيام قَريب؟
ويورد صاحب الحماسة هذه الأبيات دون ذكر قائلها وهي من لُباب هذا الباب
لكِ الله إني واصلٌ ما وصلْتٍني = ومُثنٍ بما أوليتني ومــــثِيبُ
وآخذ ما أعطيتِ صفوا وإنــني = لأزور عما تكرهينَ هيُـــــوب
فلا تتركي نفسي شعاعا فإنها = من الوجد قد كادت عليك تذوب
وإني لأسْتحييك حتى كأنما = علي بظهر الغيب منك رقيـب
ومن لبابه قول الآخر
بنفسي وأهلي من إذا عرَّضوا له = ببعض الأذى لم يدر كيف يجيب
ولم يعتذر عذر البريء ولم تــزلْ = به سكتة حتى يقال مـــريبُ
لقد ظلموا ذاتَ الوشاح ولم يكن = لنا من هوى ذات الوشاح نصيبُ.
مودتي وتقديري

آخر تحديث: 07-02-2016 | 23:49
شارك

حرره

عبد الله الخليل

قسم تحرير الأخبار وصناعة المحتوى

فيديو الأسبوع